{إَنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} لا يتوقعونه أصلاً ولا يخطرونه ببالهم لغفلتهم عن التفطن للحقائق أو لا يأملون حسن لقائنا كما يأمله السعداء أو لا يخافون سوء لقائنا الذي يجب أن يخاف {وَرَضُواْ بالحياة الدنيا} من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي {واطمأنوا بِهَا} وسكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها فبنوا شديداً وأملوا بعيداً {والذين هُمْ عَنْ ءاياتنا غافلون} لا يتفكرون فيها، ولا وقف عليه لأن خبر {إن} {أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النار} ف {أولئك} مبتدأ و{مأواهم} مبتدأ ثان و{النار} خبره والجملة خبر أولئك والباء في {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} يتعلق بمحذوف دل عليه الكلام وهو جوزوا {إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} يسددهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك الطريق السديد المؤدي إلى الثواب ولذا جعل {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار} بياناً له وتفسيراً، إذ التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها، أو يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة، ومنه الحديث: «إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة فيقول له: أنا عملك فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة، والكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة فيقول له: أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار» وهذا دليل على أن الإيمان المجرد منج حيث قال: {بإيمانهم} ولم يضم إليه العمل الصالح {فِي جنات النعيم} متعلق ب {تجري} أو حال من {الأنهار} {دعواهم فِيهَا سبحانك اللهم} أي دعاؤهم لأن {اللهم} نداء لله ومعناه: اللهم إنا نسبحك أي يدعون الله بقولهم {سبحانك اللهم} تلذذا بذكره لا عبادة {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} أي يحيي بعضهم بعضاً بالسلام أو هي تحية الملائكة إياهم، وأضيف المصدر إلى المفعول أو تحية الله لهم {وَءَاخِرُ دعواهم} وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح {أَنِ الحمد للَّهِ رَبّ العالمين} أن يقولوا الحمد الله رب العالمين {أن} مخففة من الثقيلة وأصله أنه الحمد لله رب العالمين، والضمير للشأن. قيل: أو كلامهم التسبيح وآخره التحميد فيبتدئون بتعظيم الله وتنزيهه ويختمون بالشكر والثناء عليه ويتكلمون بينهما بما أرادوا.